وعود الله

وعود الله

وعد الفداء

اعداد: ميشيل نجيب دميان

تعريف :
+ فى اللغة العربية ، الفداء : الإفراج ، الإطلاق ، التحرير ، الاستعادة ، ما يقدم لتخليص المفدى .

+ فى اللغة اليونانية ، الفداء :  Apolytrosis   وتعنى الإنقاذ بدفع الثمن .
+ فى اللغة الانجليزية ، فداء : Redemption
وتعنى خلاص البشر ، تخليص ، سداد دين ، إنقاذ.

مفهوم الفداء:
V الفداء هو التخليص من الموت بشخص بديل ، أي أن يتحمل الشخص الذي سيقوم بعملية الفداء الحكم المحكوم به على الشخص المفدى ، او بمعنى أبسط  ، الفداء هو أن يموت الفادي بدلاً عن المفدى .
V منذ أن اخطأ ادم فى الجنة وخالف وصية الله ، حكم الله علية وذريته بالموت (الجسدي والأدبي والأبدي) لذلك فأن الفداء هو سر خلاص البشرية  وبدون الفادي ليس سوى الهلاك بالموت الذى حكم به علينا ، وبالفساد الذى ورثته طبيعتنا وبالخطايا اليومية الناتجة عن ذلك.
V كما أن الله هو عادل لا يساوم على حقه ، فإن الله أيضاً هو محبة ورحمة..، كيف سيوفق الله بين عدالته وبين محبته ورحمته ؟ لذلك وضع شريعة الذبائح الحيوانية للفداء عن الخطايا والذنوب  فالحيوان يموت عوضاً عن الخاطئ ، بعد توبته واعترافه ، لينال المغفرة .
 V أهمية الذبائح الحيوانية الحيّة كعربون فداء لستر الذنوب وغفرانها ، لذلك هابيل قدم بإيمان ذبائح حيّة لله ، ونوح قدم ذبائح حيّة لله بعد خروجه من الفلك ، وكذلك فعل النبي إبراهيم إذ بنى مذابح للرب عربون إيمانه به وعبادته وحده  وهكذا إسحاق ويعقوب قدموا ذبائح للرب .. وهذا فعل جميع الانبياء ، وكانت فى شريعة موسى تقديم ذبائح حيوانية للكفارة وذبائح للخطية والاثم.
V جميع البشر يحتاجون الي الفداء ، لان جميع البشر خطاه ويحتاجون الى الفداء ، إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله  ، فأن الفادي الوحيد هو الرب يسوع المسيح الذى فدى البشر على الصليب ، وابطل الموت بموته ، وبقيامته اقامنا معه واعطانا حياة ابدية ، وفتح الفردوس.

اولا : الله فادينا ومدبر الفداء :
Vالوعد بالفداء : اعد الله خطة لفداء الإنسان بعد سقوطه فى الخطية وعصية الله منذ ادم وعبر الاجيال " لان اجرة الخطية هي موت.."(رو6: 23) وذلك بموت الذبيحة الحيوانية عوض الإنسان المخطئ ،  لكى يشعروا الناس بشناعة الخطية ، ويشكروا الله لأنه جعل لهم طريقاً للخلاص ، قال الله لموسى النبي" لان نفس الجسد هي في الدم فانا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم لان الدم يكفر عن النفس." (لا 17: 11)
 Vالفداء بالدم : بما أنَّ الدم يبعث الحياة فى الحيوان ،  وبما أنه بسفك دمه تفارقه حياته ، لذلك يعتبر فى الذبيحة يسفك دم الحيوان تعويضاً عن نفس الخاطئ ، فينجو من القصاص الذي يستحقه  ويحصل على المغفرة التي يحتاج إليها  "وكل شيء تقريباً يتطهر حسب الناموس بالدم وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة. " (عب 9: 22)
V قصور الذبيحة الحيوانية: ان الفدية التى تصلح للتكفير عن الإنسان ، يجب أن تكون على الأقل معادلة له فى القيمة ، وبما إن نفس الإنسان خالدة وذات خصائص أدبية وعلمية سامية .. ، بينما نفس الحيوان لا خلود لها ، وهى خالية من هذه الخصائص ، لذلك لا تكون كافية لفداء الإنسان او التكفير عنه أمام الله ، فمن عطف الله جعل الحيوان كفارة رمزية عن الخطاة ، فان دم الذبيحة الحيوانية يغطى خطية الانسان فقط ويسترها امام الله فلا يقع الخاطئ تحت الموت والعقوبة   " وكل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدم مراراً كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة ان تنزع الخطية"(عب10: 11)          
V الإنسان لا يقدر أن يفدى إنساناً آخر : لأنه خاطئ مثله ومحتاج للفداء ايضاً  "إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله.." (رو 23:3) والانسان محدود ، والخطية غير محدودة ، لأنها موجهه الى الله غير المحدود ، كما ان البشرية ورثت الخطية والطبيعة الفاسدة  " الجميع زاغوا وفسدوا معا ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد"(رو3 :  12)
V الملاك لا يستطيع فداء البشر : لأن الملاك روح وليس من طبيعة البشر  وليس له جسد بشرى  او لحم ودم ، وهو محدود ، وليس معصوماً من الخطأ .. " الى ملائكته ينسب حماقة."(أى4: 18)  

ثانيا : تدبير الفداء :
V الفداء الإلهي : لم تستطع الذبائح الحيوانية او الإنسان ان يخلص البشرية ويفديها ، ولا ملاك ولا رئيس ملائكة ..الخ ان يستطيع أن يفي العدل الإلهي ، فإن الله أضمر منذ البدء أن يرفع البشرية الخاطئة والساقطة الى حالة التبني بواسطة تجسد كلمته يسوع المسيح ، الذي به أكمل فدائها من الخطية والموت بموته على الصليب  "الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته." (اف1: 7) بما أن الخطية دخلت الى البشرية مع آدم وبالتالي الموت ، لذلك صار فداء المسيح لغفران الخطايا والحياة الأبدية وجسر العبور بين الموت والحياة وبين الظلمة والنور "الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا"(كو1: 4) قال القديس غريغوريوس اللاهوتى "دم المسيح الثمين هو دم ابن الله الذي هو رئيس الكهنة والذبيحة بآنٍ واحد ، فنحن كنا مستعبدين ومقيدين بقيود الشيطان، مبيعين تحت الخطية، ثم نلنا الفرح عِوَض الذُّل." وقال القديس يوحنا ذهبي الفم "أخذ جسدي لكي يقدسني ويعطيني روحه ليخلصني".

V خطة الفداء قبل خلقة الإنسان : لأن الله كلي العلم والمعرفة فهو هيأ وأعد الفداء قبل تأسيس العالم " فإذ ذاك كان (المسيح) يجب أن يتألم مرارا كثيرة منذ تأسيس العالم ولكنه الآن قد اظهر مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه."(عب9: 26) قال القديس اثناسيوس الرسولى " لقد كان في علم الله السابق وإمكانية سقوط الإنسان ونتائجه ، كذلك أيضا عملية التجسد وحتميتها ، فلقد خلق الله العالم بالكلمة ، وأيضاً لابد أن يخلصه بالكلمة."
V غاية الفداء : هو غفران الخطايا لأدم وذريته ، فان فداء المسيح لنا وهو البريء ولم يعرف خطية هو الذى مات لأجل الخطاة  "لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه"(2كو5 : 21)  الفداء الذى قدمه المسيح على الصليب هو خلاص البشرية من الموت الذى حكم به علينا ، ومن الفساد الذى ورثته طبيعتنا ، وبالخطايا اليومية الناتجة عن ذلك "ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية"(1يو1: 7) وأصبحنا مبررين اى حمل المسيح ذنوبنا وأعطانا بره "متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو3 : 24)  لقد تم خلاصنا على صليب المسيح ، لتحرير العالم الخاطئ من قوة إبليس وعتقه من اللعنة ، وفكّ أَسْر أبرار العهد القديم من قيود الجحيم. وهذه هي أشكال الافتداء المسيحي لكل العالم: الافتداء من أَسْر الخطية ، الافتداء من الجحيم ، الافتداء من العبودية لإبليس. قال القديس أغسطينوس "إن محبة الله لنا لا تدرك ولا تتغير  ومحبته لنا لم تبدأ من الوقت الذى صولحنا فيه معه بدم أبنه ، لكنه أحبنا قبل إنشاء العالم ، قبل أن نولد حتى بذلك نصير أبناءه مع أبنه الوحيد."
Vصفات الفادى :لابد ان يكون غير محدود ، وفى نفس الوقت انساناً ، ولابد ان يكون انساناً طاهراً .. ففى الرب يسوع المسيح اكتملت كل صفات الفادى الذى يفدى البشرية. ومن صلوات القداس الغريغورى  " كوّنت الانسان وجعلته فى فردوس النعيم . وعندما سقط بغواية العدو ومخالفة وصيتك المقدسة ، واردت ان تجدده وترده الى رتبته الاول  لا ملاك ولا رئيس ملائكة ولا نبياً ائتمنته على خلاصنا ، بل انت بغير استحالة تجسدت وتأنست وشابهتنا فى كل شيء ما خلا الخطيئة وحدها  وصرت وسيطا لدى الاب ، والحاجز المتوسط نقضته والعداوة القديمة هدمتها وصالحت الارضيين مع السمائيين  ، وجعلت الاثنين واحداً واكملت التدبير بالجسد.."

ثالثاً : يسوع المسيح الفادي :
1- المسيح إنساناً : يجب أن يكون الفادي إنساناً ليفدي الناس. فالله أخذ من مريم العذراء جسداً وحل فيه بروحه ، لذلك فالمسيح من جهة الجسد هو إنسان كامل " أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس. وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتي الموت موت الصليب" (في2: 7 ، 8) ودعى المسيح بابن الإنسان وشابهنا فى كل شيء ما خلا الخطية وحدها  " فإذ قد تشارَك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما... مِن ثمَّ كان ينبغي أن يُشبه إخوته في كل شيء ،.. حتى يُكفِّر خطايا الشعب." (عب14:2و17) قال القديس يوحنا ذهبي الفم "غاية التجسد: صار ابن الله ابن الإنسان ، لكي يصير أبناء الإنسان أبناء لله".
   2- المسيح طاهراً : وطهارته مطلقة فهو لم يرتكب خطية او اثم مطلقا ، فهو البار والقدوس ، وقد قال المسيح متحديا اليهود " من منكم يبكتني على خطية.." (يو8: 46) وقال عن نفسه "ولأجلهم (اى المؤمنين به) أقدس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضا مقدسين في الحق" (يو17: 19) ولا يوجد للشيطان فيه شيئاً حيث قال "لان رئيس هذا العالم يأتي  وليس له في شيء"(يو14: 30)
3- المسيح غير محدوداً : أن نتائج السقوط هي موت الإنسان الذي ابتعد عن مصدر الحياة ، لقد صار الموت حتمية والتجسد ضرورة ، لذك تجسد المسيح كلمة الله الغير محدود ، لكي يخلصنا ويكون خلاصه وفداءه غير محدود بزمان او مكان ، ولكل الجنس البشرى من أول ادم حتى نهاية العالم وغفرانه لجميع الناس ولجميع الخطايا بشرط الإيمان به والتوبة " وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد (المسيح)." (1تي3: 16) فمن صلاة القداس الإلهي " يا الله العظيم الأبدي ، الذي جبل الإنسان علي غير فساد  ، والموت الذي دخل إلي العالم بحسد إبليس هدمته بالظهور المحي الذي لابنك الوحيد الجنس ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح . "

رابعاً : مفاعيل الفداء :
1- الغفران : إذ قدم المسيح دمه ذبيحة ابدية   "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة "(عب 22:9) لان دم الذبائح الحيوانية تغطى خطايا البشر فلا يقعوا تحت العقوبة والموت ولكن دم المسيح يمحو ويطهر كل الخطايا  " فيه (المسيح) لنا الفداء بدمه غفران الخطايا" (أف 7:1) فأن دم المسيح يغفر للتائبين كل خطاياهم ، حيث حمل الرب " خطايانا فى جسده على خشبة."(1بط2: 24) لذلك فمهما كانت خطايانا فأمامنا باب التوبة المفتوح ، وكل خطايانا تغفر بدم المسيح " دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" (1يو7:1) وذلك من خلال التوبة والاعتراف .. قال القديس موسى الأسود " من يتذكر خطاياه ويقر بها لا يخطئ كثيرا". وقال القديس اغسطينوس "مع سر التوبة والاعتراف ينال المؤمن الحقيقي التائب غفراناً لخطاياه ، فيتقدم لهذا التناول لينال ثباتًا واتحادًا مع الرب ، هذا مع غفران خطاياه."
2- التقديس : هو عمل المسيح لأجل المؤمنين المقدسين(المخصصين لله)  " نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة (بالفداء)." (عب10: 10) فأن أرادته قداستنا "الذي صار لنا حكمة من الله وبرا وقداسة فداء"(1كو1: 30) والتقديس هنا لا يعنى العصمة ، ولكنه يعنى التخصيص والتكريس والتدشين والملكية للرب.. فروح الله الذى أخذناه بالميرون المقدس ، يضرم بفعل التناول المستمر ، فيزداد تكريسنا عمقاً وشمولاً: من الفكر ، إلى الحواس ، والمشاعر والإرادة ، والأعمال.. ، قال القديس كيرلس الكبير "ولد (المسيح) بالجسد من الروح لكي يجعلنا مثله ونصبح قديسين وبلا فساد  ، وتنزل إلينا النعمة من فوق ، ويُصبح لنا بداية ثانية وأصل جديد فيه."  
3- التبرير : نعمة التبرير بالمسيح مجانية ، هناك فرق بين البراءة والتبرير ، فالبراءة للإنسان انه غير مدان أو مذنب ، ولكن لا يوجد انسان بدون خطية ، أما التبرير هو أننا مدانين ومذنبين ولكن نلنا التبرير والغفران بدم المسيح "إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله ،  متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح."(رو3: 24)  قال القديس كيرلس الكبير "التبرير بالمسيح واسطة لنوال الخلاص."   وقال القديس اشعياء الاسقيطى " فى كل يوم باكراً تذكرانك ستعطى الله جواباً عن أعمالك فلا تخطئ وتسكن فيك مخافة الله ، اعدد نفسك كل حين للقاء الله حتى تصنع مشيئته. " 
4- الحياة الأبدية : نوال الحياة الأبدية بالإيمان بالمسيح وفداءه .. " الذي يؤمن بالابن له حياة ابدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله"  (يو 3: 36) الحياة الأبدية التي كانت عند الآب محجوزة عنا ، استُعلنت ووهبت لنا بموت المسيح على الصليب ، عندما قام ناقضاً أوجاع الموت وقاهراً سلطانه وكاسراً شوكته  "الان قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين" (1كو15: 20)  وصار لنا حياة ابدية سعيدة فى السماء  قال القديس أباهور " من يستعد للموت (بالإيمان والعمل الصالح) يحفظ نفسه من الهلاك الأبدي ، ومن لا يستعد له ، تذهب روحه للهلاك."  وقال القديس اغسطينوس  " أن من عاش حياة صالحة ، أعد للمستقبل حياة سعيدة ."
صلاة

يا ربى يسوع المسيح الفادى 
سامحني بكل ما أخطأت إليك إن كان 
بالقول او بالفعل أو بالذهن .
يا رب نجني وأنقذني من كل شدة وجهل ونسيان 
ونجني من كل تجربة وإهمال . 
أنر قلبي الذي قد أظلمته الشهوة الشريرة
يا خالقي انظر إلى ضعف نفسي
وأرسل نعمتك لمعونتي لكي يمجد فيَّ اسمك القدوس
اقبلني يا رب بالتوبة والرجوع ولا تهملني 
لا تدخلني يا إلهي في تجربة .
لا تحرمني من خيراتك السماوية والأرضية
يا رب امطر في قلبي ندى نعمتك 
أهلني أن أحبك من كل نفسي ومن كل قوتي 
أعطني صبراً وتواضعاً وهبني طاعة .
يا ربى يسوع اكتب اسم عبدك في سفر الحياة
مانحاً إياي آخرة صالحة 
امين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق