وعود الله

وعود الله

وعد التقديس

اعداد : ميشيل نجيب دميان 
تعريف
+ فى اللغة العربية ، التقديس: التطهير والتبريك
تقديس الله : تنزيهه عما لا يليق به .
+ فى اللغة اليونانية ، تقديس: Agion
+ فى اللغة الانجليزية تقديس: Sanctification
مفهوم التقديس:
+ تقديس المؤمنين هو من الله القدوس فهو مصدر القداسة والتقديس ، والتقديس نعمة من الله للإنسان ، الذى يؤمن به ويعيش حسب وصاياه. والتقديس هو الفرز والتخصيص لله ، والمقدسون هم المخصصون لله ، والرب يسوع قدسنا ، أي خصصنا له واشترانا بدمه .
+ فى العهد القديم كان التقديس وغفران الخطايا يتم بدم الذبائح الحيوانية حسب شريعة موسى النبى. اما فى العهد الجديد حسب شريعة المسيح  يتم التقديس للمؤمنين ، بدم المسيح الذى يقدسنا ، لقد اشترانا الرب بدمه فصرنا له ، لكى نكون  قديسين اى مخصصين له .
+ التقديس للإنسان : ان يقبل باختياره إماتة ذاته ، ويعتزل عن مجالات الخطية ، ويقبل تكريس نفسه للمسيح ، فهو بهذا العمل الثلاثي الاختياري يسلم نفسه لله.
والله من جانبه يعمل فينا مقدساً ذواتنا ، فيعطينا القلوب الجديدة التي تبغض الخطية وتحتقرها ، وتحب المسيح وتتعلق به ، ثم ينقي ذواتنا من شوائب الشرور، ويسكب فينا روحه القدوس ليتسلم قيادة حياتنا في موكب النصرة.
+ التقديس يشمل كل المؤمنين بالرب يسوع المسيح ، وذلك بالإيمان والتوبة والتناول .. هو يتناسب مع مدى استجابة الإنسان لعمل الروح القدس والسلوك بقداسة فى حياته .
+ ويوجد تدرج فى حياة  القداسة ، ونمو فى تقديس الروح والقلب والجسد..الخ ، بحسب جهاد الإنسان وعمل النعمة فيه ..
+ ليست القداسة هى فى عمل معجزات  فقط ، فأن كثير من القديسين لم يصنعوا معجزات ، فالمواهب تعطى لأجل الخدمة ، حيث ان القداسة حالة روحية نستعد فيها للقاء الله فى السماء .

 أولا :  الله  قدوس ومصدر  التقديس:
+ الله قدوس : فهو وحده القدوس ، ويريدنا أن نكون قديسين ، فقد قال " أني أنا الرب إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لأني أنا قدوس ." (لا 11: 44) وكل الملائكة والسمائيين يسبحونه ويمجدونه " لا تزال نهارا وليلا قائلة قدوس قدوس قدوس الرب الإله القادر على كل شيء الذي كان والكائن والذي يأتي."(رؤ 4 : 8)
+ الله مقدسنا : إن أراده الله أن يقدسنا ، فلا يستطيع إنسان أن يتقدس بدون الله ، فقد قال الله " أنا الرب مقدسكم" (لا 20 : 8) الله يقدسنا فيعيد اصلاحنا وبناءنا ، لنكون على صورته ومثاله ، ويؤهلنا للدخول فى شركة معه ، ولنحيا معه ، ونتمتع ببركاته ..هكذا يعطى الله قديسيه الذين قدسهم وكرسهم ليعملوا اعماله فى اصلاح الفساد ، سلطاناً ان يشفوا المرضى ، ويدعوا الى التوبة ، ويبشروا باقتراب ملكوت السموات ، ان  الله  يعطى قديسيه قدرات لصنع المعجزات والعجائب ، فى كل زمان ومكان .
+ كيف يتقدس الله فينا ؟ وكيف نقدس الله؟: نقدسه فى قلوبنا وصلواتنا ، نقدسه بإيماننا ومحبتنا  له ، وسلوكنا الذى يمجد الله ، وخدمة الكلمة والكرازة..الخ  "بل قدسوا الرب الإله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف" (1بط 3 : 15) وفى صلواتنا نذكر اسم الله بكل خشوع وإكرام ، ونتذكر ما فى الله من قدسية وعظمة وحب..الخ  " فصلوا انتم هكذا أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك.."(مت 6 : 9)
القداسة والتقديس تصف حالتنا فى لقائنا الله وتصف شركتنا مع الله ، فهى شركة يحيط بها اطار الرهبة والجلال ، وطبيعتها السمو والنقاء.

ثانيا : الرب يسوع إظهار اًًً  لقداسة الله :
+ المسيح القدوس : بما انه هو الله المتجسد ابن الله لذلك سمى القدوس ، ففى ميلاده قال الملاك للعذراء  " القدوس المولود منك يدعى ابن الله"(لو1: 35) والرسل عملوا معجزات كثيرة  باسم "القدوس يسوع"(اع 4 : 30) والملائكة فى السماء يسبحونه قائلين قدوس...
 + حياته المقدسة : عاش حياة القداسة والبر. ، وقد قال متحديا اليهود " من منكم يبكتني على خطية.." (يو8: 46) وقال عن قداسه نفسه "ولأجلهم (اى المؤمنين به) أقدس (اخصص) أنا ذاتي ليكونوا هم أيضا مقدسين في الحق"(يو17: 19) وقد غلب الشيطان " لأن رئيس هذا العالم يأتي وليس له في شيء."(يو14:30)                                        
+ إرادته قداستنا : فقد طلب من ألآب أن يقدس التلاميذ وكل المؤمنين به قائلا " قدسهم  (كرسهم ، خصصهم) في حقك كلامك هو حق."(يو17: 17) ويتولى المسيح تقديسنا " انتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبرا وقداسة وفداء"(1كو1: 30) ان الرب يسوع يعمل فى قديسيه ، يعطيهم قدرات عجيبة ، فيتمجد الله فيهم ، ويمجد الناس الله  ، حينما يروا اعمالهم الصالحة .. قال القديس كيرلس الكبير"  ولد (المسيح) بالجسد من الروح لكي يجعلنا مثله ونصبح قديسين وبلا فساد ، وتنزل إلينا النعمة من فوق ، ويُصبح لنا بداية ثانية وأصل جديد فيه".  !

ثالثا : الروح القدس روح القداسة  والتقديس
+ روح التقديس : قد سمى "روح القداسة" (رو1: 4)لأنه يقدس كل إنسان وكل شيء ، فهو يرشدنا للقداسة ويبكتنا على كل خطية ، وعلى كل خير قصرنا فى عمله " إن الله اختاركم من البدء للخلاص بتقديس الروح وتصديق الحق"(2تس2: 13) قال القديس كيرلس "الروح القدس هو القوة التقديسية فى الثالوث ، بحيث إن التقديس او القداسة هى صفة جوهرية ، كما الأبوة للآب والبنوة للابن." وقال القديس باسيليوس" الروح القدس مصدر التقديس والنور الذى لا يدرك إلا بحاسة العقل الروحي."
+ عمل الروح القدس فينا : تبدأ علاقتنا به بالمعمودية حين نولد من الماء والروح ، وبعد ذلك يحل علينا فى سر الميرون ، ويظل الروح القدس فى قلوبنا يعمل إن أعطيناه فرصة للعمل ، ولكن إن لم نعطه هذه الفرصة لا يمكن أن يرغمنا على عمل الخير، وهو مستعد أن يعمل فى كل إنسان ، وهناك من يستجيبون لعمل الروح القدس وآخرون يقاومون ويطفئون حرارة الروح " لا تطفئوا الروح" (1تس5: 19) بل يوجد من يحزنون الروح القدس العامل فيهم " ولا تحزنوا روح الله القدوس "(اف4 : 30) قال القديس مقاريوس الكبير" الروح القدس يصنع عقلا جديداً ونفساً جديدة ، وعيناً جديدة واذناً جديدة ولسانا جديداً روحانياً ، وباختصار يصير المؤمنين به بشراً جدداً."   وقال القديس كيرلس الاورشليمى "إن الروح القدس يأتي : ليخلص ويشفى ويعلم ويقوم المعوج ويقوى ويعزى وينير النفس.." !
+ الروح القدس يقدسنا : الروح يعمل فى الجميع ، ولكن ليس بنفس المقدار ، بل بمقدار ما يسمح كل واحد للروح أن يعمل وبمقدار تجاوبه مع الروح ، الذى يغير المؤمن شيئاً فشيئاً الى صورة المسيح " اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد." (غل5 : 16) قال القديس كيرلس الكبير " تتقدس النفس بالروح القدس انه تطهير للنفس ، تغيير داخلى ، عبور من حالة الموت والفساد الى الحياة وعدم الفساد ، انتقال من الرزيلة الى الفضيلة ، ومن العبودية الى الحرية ، هو مصالحة الإنسان مع الله ؛ وبالإجمال هو ولادة جديدة وخلقة جديدة اى أصلاح وتقويم لطبيعتنا الساقطة ، بحيث تستعيد حالتها الأولى التى خلق بها الإنسان الأول ، بل النفس التى تتقدس بالروح القدس ترتفع الى حالة أسمى وأقدس من تلك التى خلقت بها ."  !

رابعا : وسائل التقديس : 
1-   الايمان : الايمان بالمسيح هو المدخل لتقديس الانسان "حتى ينالون بالإيمان بي (بالمسيح)غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين" (أع26: 18) فالإيمان يعتبر أنه واسطة التقديس لأنه يقربنا بالمسيح وبفدائه لنا على الصليب " نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة "(عب10: 10) فحياتنا يجب ان تكون مقدسة " يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة وتقوى.."(2بط3: 11) قال القديس جيروم "المسيح هو القداسة التى بدونها لا احد ان يعاين وجه الله ، المسيح هو خلاصنا ، اذ هو المخلص والقداسة فى نفس الوقت ، المسيح هو كل شىء بالنسبة لنا."  وقال القديس اغسطينوس "الإيمان المستقيم هو رأس الحياة الصالحة التي تحق لها الحياة إلى الأبد."
2-   التناول : لقد أعطانا المسيح سر الشركة فى قداسته بالتناول "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير." (يو 6 : 54) لأنه "يعطى لمغفرة الخطايا وحياة ابدية لمن يتناول منه..القدسات للقديسين.."(من صلوات القداس الالهى) قال القديس كيرلس الكبير" أعطانا جسده الحقيقى ودمه لكى تتلاشى قوة الفساد ويسكن فى أنفسنا بالروح القدس ونصير شركاء بالقداسة وأناسا روحيين ."
3-  كلمة الله : فقد قال المسيح للآب " قدسهم في حقك، كلامك هو حق" (يو 17: 17) فأن الوسيلة الخارجية للتقديس هي كلمة الله  " لان كلمة الله حية وفعالة وامضى من كل سيف ذي حدين.. ومميزة افكار القلب ونياته." (عب 4: 12) أما العامل الداخلي فهو الروح القدس الذي يسكن في المؤمن ويرشده ، فأن كلمة الله تلين القلب وتذيب قساوته ، وتمنح الفهم والتمييز وتنير الطريق ، وتعلم الاتضاع والتوبة .. "خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك."(مز119 :11) قال القديس مار اسحق " بدون القراءة فى الكتب الإلهية ، لا يمكن للذهن أن يدنو من الله." وقال القديس يوحنا ذهبى الفم    " من المفيد جداً قراءة الكتاب المقدس فانها تجعل النفس حكيمة وتوجه الروح نحو السماء وتحرك الانسان نحو الشكر وتهلك الرغبة فى الامور الارضية وتدع اذهاننا تتمعن باستمرار فى العالم الآخر."  

خامسا :  مفاعيل  التقديس:
1-   تقديس اولى : هو التقديس بالايمان والمعمودية حيث يدعى المؤمنين المعمدين المدشنين بالميرون مقدسين فى الله  "المدعوين المقدسين في الله الآب والمحفوظين ليسوع المسيح.." (يه 1 : 1) لذلك الرسل فى رسائلهم يدعون المؤمنين قديسين الذين دخلوا الإيمان المسيحى " الى كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين  (1كو1 : 2) لذلك كل مؤمن هو قديس في المسيح ، والمؤمنون جميعاً "مدعوون قديسين" أي قديسون بالدعوة لا بالعمل. قال القديس باسيليوس " لا تسمح لدنس او غضن يدنس نقاوة ثوب الخلود ، بل أحفظ كل أعضاءك ، آذ تلبس المسيح لتكن أعضاءكم جميعها مقدسة فتكون كمرتديه ثوبا من القداسة والنور." !
2-   تقديس تكميلى: اى تقديس عملى ، نحن مدعون جميعاً للقداسة " لانه مكتوب كونوا قديسين لاني انا قدوس" (1بط 1 : 16) ، ولكن الوصول للقداسة يحتاج الى تدرج وتعب وجهاد العمر كله ، التقديس هي الانفصال عن كل شر من ناحية ، والعيشة المكرسة لكل ما يتفق مع مشيئة الله ويرضيه. "بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة" (1بط1: 9) فأن التقديس مستكمل ومتدرج نحو الكمال المسيحى " فإذ لنا هذه المواعيد أيها الأحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله"                   (2كو7 : 1)  فى حياة القداسة نعمل كل عمل لله ، بأسلوب الله ، ووفق قوانينه وازمنته ، وبقوته وبنعمة ، فلا نتعب بل نتمم اعمالنا ، وننجح فيها فيملأنا الفرح والرضى ..، قال القديس  اثناسيوس " نحتاج الى نعمة الروح لتقديسنا ."  وقال القديس مرقس الناسك "لا يمكننا أن نقوم بأي عمل في سبيل قداستنا بمعزل عن النعمة".!
3-   تقديس نهائى : ثمر القداسة فى الحياة الأرضية ،  هو كمال القداسة فى السماء ونوال الحياة الابدية  "واما الان اذ أعتقتم من الخطية وصرتم عبيدا لله فلكم ثمركم للقداسة  والنهاية حياة ابدية." (رو6 : 22) ان التقديس هو عمل الله ، الذى يكملنا حتى نصل الى بر المسيح عند ظهوره ، سنتخلص نهائياً من طبيعتنا الساقطة ، ونلبس جسد القيامة الممجد  "اذا اظهر(المسيح) نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (1يو3: 2) حيث كمال القداسة والسعادة فى ملكوت السموات  "والقادر ان يحفظكم غير عاثرين و يوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج (فى ملكوت السموات)" (يه1: 24) قال القديس مرقس الناسك " نحن الذين وهبت لنا الحياة الأبدية ، نصنع الأعمال الحسنة لا لأجل الجزاء بل لحفظ القداسة التى وهبت لنا." وقال القديس مقاريوس "التمتع بالله امر لا يشبع منه." !
صلاة
ابانا القدوس السماوى
يامن تسبحك الملائكة وكل الخليقة قائلين:
قدوس قدوس قدوس رب الصباوؤت
السماء والارض مملوءتان من مجدك الاقدس.
يامن تريدنا ان نتوب عن خطايانا ونرجع اليك
 ونتقدس بروحك القدوس
ونعيش لك فى كل ايام حياتنا .
اسألك ياربى يسوع ان تغفر خطاياى
وتقدس قلبى وحياتى ..
وتهبى احساساً برحمتك لى
فأكون فى امان من الدينونة والعقاب الابدى .
اكتب اسمى فى سفر الحياة
وهب لى آخرة صالحة
لكى ما ارفع راية النصرة على ابليس المحتال 
 واسجد لك بلا خجل امام عرش مجدك
مع كافة القديسين آمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق