وعود الله

وعود الله

وعد الغفران

تعريف :
+ فى اللغة العربية ، الغفران : ستر الذنوب والعفو عنها - التغطية والستر 

+ فى اللغة اليونانية ، غفران: aphesis    وتعنى مغفرة ، اطلاق وحرية 
+ فى اللغة الانجليزية الغفران: Forgiveness

مفهوم الغفران :
+ الغفران بمعنى الستر والتغطية ، وكثيراً ما ترتبط المغفرة بالكفارة ، التى ترتبط عادة بالذبائح التى كانت تقدم فى العهد القديم ، كفارة او تغطية لخطايا البشر ، ولم يكن دم الذبائح الحيوانية كافياً لغفران الخطايا.
+ من محبة الله للبشر وعده بالغفران بأن أرسل ابنه يسوع المسيح حتى بذل نفسه على الصليب كفارة عن العالم كله ، اذ حملنا خطايانا واعطانا التبرير والغفران.
+ ويرتبط غفران الخطايا بالإيمان بالمسيح وفداءه ، لان الإيمان بالمسيح الذى أوفى كل حقوق العدل الإلهي ، هو الوسيلة الوحيدة للحصول على غفران الله .
+ للحصول على الغفران يلزم الرجوع لله والتوبة الحقيقية عن كل خطية ، لان الله يقبل ويغفر لكل التائبين ، وتكتمل التوبة بالاعتراف بالخطية أمام أب الاعتراف  الذى يطلب الغفران فى دم المسيح  بعمل الروح القدس.
+ وَعد الله بالغفران يشمل ؛ الصفح والنسيان والمحو لكل الخطايا والذنوب ، لكل الراجعين اليه  ونتيجة الغفران تحدث المصالحة مع الله ، ويؤهل الانسان للحياة مع الله فى ارضه , وفى سماه ايضاً.
+ وكما اعطانا الله الغفران الشامل لكل خطايانا ، لابد ان نغفر نحن ايضا للمذنبين الينا ، كما فى الصلاة الربانية ، لأن قانون الله " اغفروا يغفر لكم " ويكون هذا الغفران من القلب ، بدون حقد او كراهية .. فان التسامح والصفح يعطى الشعور بالسلام الداخلي .
+ شكرا لله من كل القلب لان جميع خطايانا قد محيت وأنتها ذكرها من أمام وجه إلهنا الى الأبد ، فقد محاها الرب يسوع على الصليب ، فما أسعد من غفرت خطاياه وسترت آثامه .
 أولا :  الله  غافر الخطايا :
+ الله غفور : ليس أحداً يغفر خطايانا إلا الله وحدة فهو الغفور الرحيم  "لأنك أنت يا رب صالح وغفور وكثير الرحمة لكل الداعين اليك.." (مز86 : 5)  فلا غفران لغير المؤمنين حتى يؤمنوا وينالوا الخلاص والغفران ..
+ الله يغفر كل الخطايا والذنوب : ان الغفران هو غفران الله  ومن الله   " فان الرب رءوف رحيم يغفر الخطايا ويخلص في يوم الضيق" (سيراخ 2 : 13) ان الله يُعطى غفران الخطايا للمؤمنين التائبين فقط ، لأنه لا غفران لغير المؤمنين  والاشرار  " للرب الهنا المراحم والمغفرة." (دا 9 :  9)
+ الدم شرط الغفران : حيث ان الخطية موجه لله وهى عصيان عليه ،  فعاقبتها الموت الجسدي والأدبي والأبدي  " النفس التي تخطئ هي تموت.."  (حز 18 : 4)  لذلك وضع الله شريعة الذبائح الحيوانية ، للفداء عن الخطايا والذنوب             " وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة. "(عب 9: 22)  فالحيوان يموت عوضاً عن الخاطئ ، بعد توبته واعترافه ، وينال الخاطئ غفران خطاياه .

ثانيا : يسوع المسيح مانح الغفران :
+ الغفران بالمسيح  : بما انه هو الله المتجسد ابن الله لذلك له وحدة مغفرة الخطايا لأنه " من يقدر ان يغفر خطايا الا الله وحده" (مر2 : 7)  فقد قال ان له سلطان غفران كل الخطايا " ان لابن الانسان سلطانا على الارض ان يغفر الخطايا"(مر2: 10) ان جميع الناس خطاه يحتاجون لغفران المسيح "إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح"(رو 23:3)
 + الغفران بدم المسيح : ان دم الذبيحة الحيوانية يغطى خطية الانسان فقط ويسترها امام الله فلا يقع الخاطئ تحت الموت والعقوبة ، وكان فى العهد القديم " وكل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدم مرارا كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة ان تنزع الخطية"(عب10: 11) لذلك صار دم المسيح لغفران الخطايا والحياة الأبدية ، وجسر العبور بين الموت والحياة  "الذي لنا فيه(المسيح) الفداء بدمه غفران الخطايا"(كو1: 14) فكل خطايا العالم كله تغفر بدم المسيح بالإيمان به والتوبة..  " دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية"(1يو 7:1)

  ثالثا : وسائط الغفران:
1-  الايمان بالمسيح : هو المدخل لنوال الغفران  " إن كل من يؤمن به (بالمسيح) ينال باسمه غفران الخطايا" (اع 10: 43) فالإيمان يعتبر وسيلة للحصول على غفران المسيح الشامل  " الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا.. " (كو 1:  14) فهو الفادي المخلص ، المحرّر الذي سبق ودفع الدين عنا ، وعن كل مَنْ يؤمن باسمه القدوس وخلاصه الثمين على الصليب  فأن دم يسوع المسيح ، يغفر لنا كل خطايانا ، قال القديس اثناسيوس "كل من يروم أن يخلص يجب عليه أولاً وقبل كل شيء أن يحفظ الإيمان الجامع الشامل ويتمسك به." وقال القديس اغسطينوس "الإيمان المستقيم هو رأس الحياة الصالحة التي تحق لها الحياة إلى الأبد. ويقوم الإيمان على القبول بما لا ترى. وجزاؤه ان ترى ما تؤمن به."
2- التوبة والاعتراف : ان الله يريد جميع الناس ان يتوبوا عن خطاياهم  " وهو(الله) لا يشاء ان يهلك اناس بل ان يقبل الجميع الى التوبة.." (2بط3:  9) لان التوبة هى رجوع لله ، وترك طريق الشر ، وتؤهل لغفران الله " فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب" (اع 3 :  19) وتقترن التوبة بالاعتراف بالخطايا ، أمام الأب الكاهن ، الذي بدوره يستحضر الغفران ، من المسيح بدمه الكريم  عندما يصلي التحليل ، على رأس المعترف "ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم" (1يو1 :  9) قال القديس مار اسحق " التوبة هى ترك الأمور الرديئة والندم عليها ." وقال القديس اغسطينوس  " مع سر التوبة والاعتراف ، ينال المؤمن الحقيقي التائب  غفراناً لخطاياه ، فيتقدم لهذا التناول لينال ثباتًاً واتحادًا مع الرب ، هذا مع غفران خطاياه."
3-  التناول : قال المسيح عن هذا السر المقدس "خذوا كلوا هذا هو جسدي . وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمى الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (مت26: 28) ومن صلاة  القداس الإلهي " يعطى عنا خلاصاً وغفراناً للخطايا وحياة أبدية لمَنْ يتناول منه. "  ففي سر التناول ينال المؤمن غفراناً لخطاياه الفعلية ، التي قدم عنها توبة في سر الاعتراف ، وينال ثباتاً في الرب ، ان كل تناول من جسد المسيح ودمه ، هو حركة عبور مستمر من الموت إلى الحياة ، قال القديس أوغسطينوس "الاستحقاق للتناول من جسد الرب ودمه ، هو الشعور بعدم الاستحقاق ، مع ثقة وإيمان في قدرة هذا السر أن يقيم ويعين ضعفنا."

رابعا : انواع الغفران :
1- الغفران الإلهي : غفران الله مقدم لجميع العالم ، حيث قدم ابن الله يسوع المسيح الكفارة ومغفرة الخطايا بدمه  "وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا"(1يو2: 2) مع استمرار اعترافنا بخطايانا لله وثقتنا بغفرانه نستطيع أن نختبر محبته الفياضة وننمو في الإيمان كل يوم " فان المسيح ايضا تألم مرة واحدة من اجل الخطايا البار من اجل الاثمة لكي يقربنا الي الله مماتا في الجسد ولكن محي في الروح" (1بط3: 18) لقد جاء السيد المسيح من السماء وهو البار الذي لم يفعل خطية ليفي عدالة الله حقها، وذلك بموته عنا إذ أخذ مكاننا ودفع عنا عقاب خطايانا ، ثم قام من الموت ليؤكد لنا أنه انتصر على الخطية والموت . لقد أمدك الله بقوة لتعيش الحياة بحسب ما يرضيه ، بالاعتماد على مصدر قوة الله  وهو الروح القدوس، قال القديس يوحنا ذهبي الفم "أخذ جسدي لكي يقدسني ويعطيني روحه لكى يخلصني". وقال القديس اشعياء الاسقيطى" فى كل يوم باكراً تذكرانك ستعطى الله جواباً عن أعمالك فلا تخطئ وتسكن فيك مخافة الله ، اعدد نفسك كل حين للقاء الله حتى تصنع مشيئته. " 
2- الغفران للنفس : ان بعد التوبة الصادقة والاعتراف ، اثق ان الله غفر اثمى وستر خطيتي (مز32: 2) وكبعد المشرق عن المغرب ابعد معاصي (مز103: 12) ولن يذكر خطاياي وتعدياتي فيما بعد (عب10: 17) لذلك اغفر لنفسي فلا اشعر بعد ذلك بتأنيب الضمير ، او الشعور بالذنب ، لان الله غفر لى خطاياى الماضية ، وان اسعى للأمام مع الرب نحو القداسة  "ولكنني أفعل شيئاً واحداً إذ أنسى ما هو وراء وامتد إلى ما هو قدّام " (في13:3) واشكر الرب من كل قلبى على غفرانه لى ، واشعر بسلامه فى داخلى   "طوبى للذي غفر إثمه وسترت خطيته..  " (مز32 : 1قال القديس انطونيوس "الرب هو الطبيب العظيم الذي يشفي الجروح ، سيشفي كل جروحك مهما كان عمقها أو اتساعها أو قدمها ."  وقال القديس يوحنا ذهبى الفم "لا يستطيع أحد أن يؤذى إنساناً  ما لم يؤذ هذا الإنسان نفسه ."
3- الغفران للأخرين : ان المغفرة للمسيئين والمخطئين الينا يؤهلنا لغفران الله لنا "متى وقفتم تصلون فاغفروا ان كان لكم على احد شيء لكي يغفر لكم ايضا ابوكم الذي في السماوات زلاتكم " (مر11 : 25) وحسب قانون الرب "اغفروا يغفر لكم" (لو 6 : 37) لذلك نصلى " واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن ايضا للمذنبين الينا.." (مت6 : 12) ويكون الغفران من القلب ، أن تغفر للمسيء وتطلب من الله أن يسامحه ، والذى يغفر يكون فى سلام مع الله والناس " فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس" (رو12: 18) لن تستطيع ان تغفر وان تسامح من القلب الا اذا طلبت المساعدة من الله ، فقد غفر المسيح تبارك اسمه لصالبيه ، وغفر اسطفانوس  لراجميه .. انسى خطايا الغير كما ينسى الله لك خطاياك ، قال القديس أوغسطينوس "اغفروا كل ما على الآخرين غفراناَ تاماَ من قلوبكم..،  فأحياناَ يغفر الإنسان لأخيه لكنه يحتفظ بها في قلبه ، يغفرها بالفم لأجل البشر، ويحتفظ بها في القلب حيث لا يخاف عين الله ."  

رابعا : مفاعيل الغفران :
1-   المصالحة : المصالحة مقدمة لكل العالم المصالحة بين الله والناس ، والله هو الذى بدء بالمصالحة والغفران لخطاياهم بأبنه يسوع المسيح " اي ان الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة"(2كو5: 19) فدم المسيح المسفوك على الصليب هو الوسيلة الوحيدة لإتمام المصالحة  "وان يصالح به الكل لنفسه عاملا الصلح بدم صليبه بواسطته"(كو1: 20) وكما انه يوجد مصالحة الله مع العالم اجمع ، يوجد ايضاً مصالحة على المستوى الفردى ، حيث  يعمل كل واحد على الصلح مع المسيح التوبة واطاعة وصاياه ومحبته   " اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله."( كو5: 20) فيا من تصالحت مع الله مسئوليتك ان توصل رسالة الحب الإلهي ، لكل نفس لتتصالح بدورها مع الله ، وتسعى للصلح بين الناس ، قال القديس باسيليوس "جيد ألا تخطئ ، وإن أخطأت فجيد ألا تؤخر التوبة ، وأن تبت فجيد ألا تعاود الخطية ."
2- التبرير : نتيجة غفران المسيح لخطايانا ننال التبرير " الذي اسلم من اجل خطايانا واقيم لأجل تبريرنا"(رو4: 25) هناك فرق بين البراءة والتبرير  فالبراءة للإنسان انه غير مدان أو مذنب ، ولكن لا يوجد انسان بدون خطية او بدون ذنب ، أما التبرير هو أننا مدانين ومذنبين ولكن نلنا التبرير والغفران بدم المسيح ، والتبرير نعمة مجانية قدمها الرب يسوع بدمه على الصليب لجميع الناس " اذ الجميع أخطأوا واعوزهم مجد الله. متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو3: 24) وهذ التبريريؤهل الانسان للخلاص والحياة الابدية ، قال القديس كيرلس الكبير "التبرير بالمسيح واسطة لنوال الخلاص."
3- الحياة الابدية : بالتوبة وغفران الخطية ننال الحياة الأبدية "وأما الآن اذ أعتقتم من الخطية (بالتوبة والاعتراف) وصرتم عبيدا لله فلكم ثمركم للقداسة والنهاية حياة أبدية" (رو6: 22) حياة الإنسان الأرضية المحدودة ، إذا ما قيست بالأبدية غير المحدودة ، فإنها تزول إلى صفر كأنها لا شيء  ومن نتيجة غفران الله لنا ، نعمة التبرير التى تعطينا الحياة الابدية " حتى اذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الابدية" (تي3: 7) وذلك حسب وعد الرب "وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به الحياة الابدية"(1يو2: 25) قال القديس انطونيوس  " تفكر كل يوم انه آخر ما بقى لك فى العالم فأن ذلك ينقذك من الخطية.. طوبى لمن لزم التوبة حتى يمضى الى الرب.. لا تجعلوا اللحظات المؤقتة تسرق منكم الابدية. "  وقال القديس بيمن " تذكر الملكوت وأمجاد الأبدية يجعل كل لذة مادية تصغر أمام عيوننا ، بل تصير معطلاًً فنتركها بسهولة لنسعي نحو الملكوت ، ويجعل النفس تستهين بالآلام والضيقات لأنها مؤقتة ومهما طالت ، فهي لا شيء أمام امتداد الأبدية." 
صلاة

يا يسوع المسيح انت المعلم الصالح
انت علمتنا الغفران فى الموعظة على الجبل
انت بذلت ظهرك للسياط من اجلى
وتحملت اكليل لشوك وصلبت وسفك دمك
كى تغفر خطيتي وآثامي.
لأنه طوبى لمن غُفر اثمه وسُترت خطيته 
اعطنى ان ادرك محبتك ورحمتك لى
وأكون فى امان من الدينونة العتيدة
وان احيا حياة الغفران الدائم للمسيئين لى
امنحني يا سيدي يسوع المسيح
يوماً طيباً خالياً من الدنس والخطية 
لا تنساني ولا تقف بعيدا عني.
إن حياتي ستظل بلا معنى ولا طعم ولا فائدة 
إن لم تعلن مشيئتك فيّ لأتممها.
هب لى حياة ترضيك وآخرة صالحة 
تؤهلني للحياة الابدية 
امين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق